كذبنا ولا كذّبنا. وسلّ سيفه، وقال: أخرجي الكِتابَ، وإلا ضربت عنقكِ، فلما رأت الجِدِّ أخرجته من ذؤابتها، فخلَّوا سبيلها، ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأرسل إلى حاطب، فأتاه، فقال له: «هل تعرف هذا الكتاب؟» قال: نعم. قال: «فما حملك على ما صنعت؟» فقال: يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت، ولا غششتك منذ نصحتك، ولا أحببتهم منذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلاَّ وَلَه بمكة من يمنع عشيرته، وكنت غريباً فيهم، وكان أهلي بين ظهرانَيْهم، فخشيتُ على أهلي، فأردت أن أَتَّخِذَ عندهم يداً، وقد علمتُ أن الله ينزل بهم بأسه، وكتابي لا يغني عنهم شيئا، فصدّقه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وَعذَرَهُ، ونزلت هذه السورة تنهى حاطباً عما فعل، وتنهى المؤمنين أن يفعلوا كفعله، فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «وما يدريك يا عمر لعل الله اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» .
(1426) وقد أخرج هذا الحديث في «الصحيحين» مختصراً، وفيه ذكر عليّ، والزّبير، وأبي مرثد فقط.
قوله عزّ وجلّ: تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وفيه قولان: أحدهما: أن الباء زائدة، والمعنى: تلقون إليهم المودَّة، ومثله: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ «1» ، هذا قول الفراء، وأبي عبيدة، وابن قتيبة، والجمهور. والثاني: تلقون إليهم أخبار النبيّ صلّى الله عليه وسلم وسيره بالمودة التي بينكم وبينه، قاله الزجاج.
قوله عزّ وجلّ: وَقَدْ كَفَرُوا الواو للحال والمعنى، وحالهم أنهم كفروا بما جاءكم من الحق، وهو القرآن، يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ من مكة أَنْ تُؤْمِنُوا أي تفعلوا ذلك لإيمانكم بالله