قوله تعالى: وَضَلَّ عَنْهُمْ أي بََطَلَ عنهم في الآخرة ما كانُوا يَدْعُونَ أي يعبُدون في الدنيا وَظَنُّوا أي أيقنوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ وقد شرحنا المحيص في سورة النّساء «1» .

[سورة فصلت (41) : الآيات 49 الى 52]

لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (51) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (52)

قوله تعالى: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ قال المفسرون: المراد به الكافر فالمعنى: لا يَمَلُّ الكافرُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ أي: من دعائه بالخير، وهو المال والعافية. وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ وهو الفقر والشِّدة، والمعنى: إذا اختُبر بذلك يئس من روح الله وقَنْط من رحمته. وقال أبو عبيدة: اليؤوس، فَعُول من يأس، والقَنُوط، فَعُول من قَنَط.

قوله تعالى: وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا أي: خيراً وعافية وغِنىً، لَيَقُولَنَّ هذا لِي أي: هذا واجب لي بعملي وأنا محقوق به، ثم يشُكُّ في البعث فيقول: وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً أي: لست على يقين من البعث وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى يعني الجنة، أي: كما أعطاني في الدنيا يعطيني في الآخرة فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أي: لَنُخْبِرَنَّهم بمساوئ أعمالهم. وما بعده قد سبق «2» إلى قوله تعالى: وَنَأى بِجانِبِهِ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، «ونأى» مثل «نعى» ، وقرأ ابن عامر: «وناء» مفتوحة النون، ممدودة والهمزة بعد الألف. وقرأ حمزة: «نئى» مكسورة النون والهمزة. فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ قال الفراء، وابن قتيبة: معنى العريض: الكثير، وإن وصفته بالطول أو بالعَرْض جاز في الكلام. قُلْ يا محمّد لأهل مكة أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ القرآن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ أي خلاف للحق بَعِيدٍ عنه؟ وهو اسم والمعنى: فلا أحدٌ أَضَلّ منكم. وقال ابن جرير: معنى الآية: ثُمَّ كفرتم به، ألستُم في شقاقٍ للحق وبُعد عن الصواب؟! فجعل مكان هذا باقي الآية.

[سورة فصلت (41) : الآيات 53 الى 54]

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)

قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ فيه خمسة أقوال «3» : أحدها: في الآفاق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015