قوله تعالى: رُخاءً فيه ثلاثة أقوال: أحدها: مُطيعة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن والضحاك. والثاني: أنها الطيِّبة، قاله مجاهد. والثالث: اللَّيِّنة، مأخوذ من الرَّخاوة، قاله اللُّغويُّون. فإن قيل: كيف وصفها بهذا بعد أن وصفها في سورة الأنبياء (?) بأنها عاصفة؟ فالجواب: أن المفسرين قالوا: كان يأمُر العاصفَ تارةً ويأمُر الرُّخاءَ أُخرى. وقال ابن قتيبة: كأنَّها كانت تشتدُّ إذا أراد، وتَلَينَ إذا أراد.

قوله تعالى: حَيْثُ أَصابَ أي: حيث قصد وأراد. قال الأصمعي: تقول العرب: أصابَ فلانٌ الصَّوابَ فأَخطأَ الجوابَ، أي: أراد الصَّوابَ.

قوله تعالى: وَالشَّياطِينَ أي: وسخَّرْنا له الشياطينَ كُلَّ بَنَّاءٍ يبنون له ما يشاء وَغَوَّاصٍ يغوصون له في البحار فيَستخرِجون الدُّرَّ، وَآخَرِينَ أي: وسخَّرْنا له آخَرِين، وهم مَرَدَةُ الشياطين، سخَّرهم له حتى قَرَّنهم في الأصفاد لِكُفرهم، قال مقاتل: أَوثَقَهم في الحديد. وقد شرحنا معنى مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ في سورة نبي الله إبراهيم (?) عليه السلام. هذا عَطاؤُنا المعنى: قُلنا له: هذا عطاؤنا. وفي المشار إليه قولان: أحدهما: أنه جميع ما أُعطي، فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ أي: أَعْطِ مَنْ شئتَ من المال، وامْنَعْ مَنْ شئتَ. والمَنَّ: الإِحسان إِلى من لا يطلب ثوابه. والثاني: أنه إِشارة إلى الشياطين المسخَّرِين له فالمعنى: فامْنُنْ على مَنْ شئتَ بإطلاقه، وأَمْسِكْ مَنْ شئتَ منهم. وقد روي معنى القولين عن ابن عباس.

قوله تعالى: بِغَيْرِ حِسابٍ قال الحسن: لا تَبِعَةَ عليك في الدُّنيا ولا في الآخرة. وقال سعيد بن جبير: ليس عليك حسابٌ يومَ القيامة. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: هذا عطاؤنا بغير حساب فامْنُنْ أو أمْسِكْ.

وما بعد هذا قد سبق تفسيره (?) إِلى قوله: مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ وذلك أن الشيطان سُلِّط عليه، فأضاف ما أصابه إليه. قوله تعالى: بِنُصْبٍ قرأ الأكثرون بضم النون وسكون الصاد وقرأ الحسن، وابن أبي عبلة، وابن السميفع، والجحدري، ويعقوب: بفتحهما، وهل بينهما فرق؟ فيه قولان:

أحدهما: أنهما سواء، قال الفراء: هما كالرُّشْد والرَّشَد والعُدْم، والعَدَم، والحُزْن والحَزَن، وكذلك قال ابن قتيبة، والزّجّاج. وقال المفسرون: والمراد بالنصب: الضُّرُ الذي أصابه. والثاني: أن النُّصْب بتسكين الصاد: الشرُّ. وبتحريكها: الإِعياء، قاله أبو عبيدة. وقرأ عائشة، ومجاهد، وأبو عمران، وأبو جعفر، وشيبة، وأبو عمارة عن حفص: «بنُصُب» بضم النون والصاد جميعاً. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو الجوزاء، وهبيرة بن حفص: «بنَصْب» بفتح النون وسكون الصاد. وفي المراد بالعذاب قولان: أحدهما: أنه العذاب الذي أصاب جسده. والثاني: أنه أخْذ ماله وولده وأهله.

قوله تعالى: ارْكُضْ أي: اضْرِب الأرضَ بِرِجْلِكَ، ومنه: رَكَضْتُ الفَرَس، فرَكَضَ فنبعتْ عَيْنُ ماءٍ، فذلك قوله تعالى: هذا مُغْتَسَلٌ قال ابن قتيبة: المُغْتَسَلُ: الماءُ، وهو الغسول أيضاً. قال الحسن: رَكَضَ برِجله فنبعتْ عَيْنٌ فاغتَسلَ منها، ثم مشى نحواً من أربعين ذراعا، ثم ركض برجله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015