الصّافنات قولان: أحدهما: أنها القائمة على ثلاث قوائم، وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يد أو رِجْل وإِلى هذا المعنى ذهب مجاهد، وابن زيد، واختاره الزجاج، وقال: هذا أَكثرُ قيام الخيل إذا وقفت كأنَّها تراوح بين قوائمها، قال الشاعر:
أَلِفَ الصُّفُونَ فما يَزالُ كأنَّهُ ... مِمّا يَقومُ على الثَّلاثِ كَسِيرا
والثاني: أنها القائمة، سواء كانت على ثلاث أو غير ثلاث، قال الفراء: على هذا رأيت العرب، وأشعارهم تَدُلُّ على أنه القيام خاصة. وقال ابن قتيبة: الصافن في كلام العرب: الواقفُ من الخيلِ وغيرها، (1218) ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «من سرّه أن يقوم له الرّجال صُفُوناً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النّار» ، أي:
يُديمون القيام له.
فأمّا الجِيادُ، فهي السِّراعُ في الجَرْيِ. وفي سبب عرضها عليه أربعة أقوال: أحدها: أنه عَرَضَها لأنه أراد جهاد عدوٍّ له، قاله عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. والثاني: أنها كانت من دوابّ البحر.
قال الحسن: بلغني أنها كانت خيلاً خرجتْ من البحر لها أجنحة. وقال إبراهيم التيمي: كانت عشرين فرساً ذات أجنحة. وقال ابن زيد: أخرجتْها له الشياطين من البحر. والثالث: أنه وَرِثَها من أبيه داود عليه السلام، فعُرِضَتْ عليه، قاله وهب بن منبّه، ومقاتل. والرابع: أنه غزا جيشاً، فظَفِر به وغنمها، فدعا بها فعُرضَتْ عليه، قاله ابن السائب. وفي عددها أربعة أقوال: أحدها: ثلاثة عشر ألفاً، قاله وهب. والثاني: عشرون ألفاً، قاله سعيد بن مسروق. والثالث: ألف فرس، قاله ابن السائب ومقاتل.
والرابع: عشرون فرساً، وقد ذكرناه عن إبراهيم التيمي. قال المفسرون: ولم تزل تُعْرَض عليه إِلى أن غابت الشمس، ففاتته صلاة العصر، وكان مَهِيباً لا يبتدئه أحد بشيء، فلم يذكِّروه، ونسي هو، فلمّا غابت الشمسُ ذكر الصلاة، فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ فتح الياء أهل الحجاز وأبو عمرو حُبَّ الْخَيْرِ وفيه قولان: أحدهما: أنه المال، قاله سعيد بن جبير والضحاك. والثاني: حُبُّ الخيل، قاله قتادة والسدي.
والقولان يرجعان إلى معنى واحد، لأنه أراد بالخير الخيلَ، وهي مال. وقال الفراء: العرب تسمِّي الخيل: الخير.
(1219) قال الزجاج: وقد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلّم زيد الخيل: زيد الخير.