«إِلياسينَ» موصولة مكسورة الألف ساكنة اللام، فجعلوها كلمة واحدة وقرأ الحسن مثلهم، إلاّ أنه فتح الهمزة، وقرأ نافع، وابن عامر، وعبد الوارث، ويعقوب إلاّ زيداً: «إِلْ ياسينَ» مقطوعة، فجعلها كلمتين. وفي قراءة الوصل قولان: أحدهما: أنه جَمْعٌ لهذا النبيّ وأمَّته المؤمنين، به، وكذلك يُجمع ما يُنْسَب إِلى الشيء بلفظ الشيء، فتقول: رأيت المهالبة، تريد: بني المهلَّب، والمسامعة، تريد: بني مسمع. والثاني: أنه اسم النبيّ وحده، وهو اسم عبرانيٌّ، والعجمي من الأسماء قد يفعل به هذا، كما يقال: ميكال وميكائيل، ذكر القولين الفراء والزجاج. فأمّا قراءة من قرأ: «إِلْ ياسينَ» مفصولة، ففيها قولان: أحدهما: أنهم آل هذا النبي المذكور، وهو يدخل فيهم، كقوله صلى الله عليه وسلّم:
(1210) «اللهم صَلِّ على آل أَبي أَوفى» ، فهو داخل فيهم، لأنه هو المراد بالدعاء.
والثاني: أنهم آل محمّد صلى الله عليه وسلّم قاله الكلبي. وكان عبد الله بن مسعود يقرأ: «سلامٌ على إِدْراسينَ» وقد بيَّنّا مذهبه في أن إلياس هو إدريس.
فإن قيل: كيف قال: «إدراسين» وإنما الواحد إدريس، والمجموع إِدريسيُّ، لا إِدراسٌ ولا إِدراسيّ؟. فالجواب: أنه يجوز أن يكون لغة، كإبراهيم وإبراهام، ومثله:
قدني من نصر الخُبَيْبَيْنِ قَدِي «1»
وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو نهيك: «سلام على ياسين» بحذف الهمزة واللام.
وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137)
وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (138)
قوله تعالى: إِذْ نَجَّيْناهُ «إذ» ها هنا لا يتعلق بما قبله، لأنه لم يُرْسَل إِذ نُجِّيَ، ولكنه يتعلق بمحذوف، تقديره: واذكرُ يا محمّد إِذ نجَّيناه. وقد تقدم تفسير ما بعد هذا «2» إلى قوله تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ
هذا خطاب لأهل مكّة، كانوا إذا ذهبوا إلى الشّام وجاءوا، مَرُّوا على قرى قوم لوط صباحاً ومساءً، أَفَلا تَعْقِلُونَ
فتعتبرون؟!