قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية والتي بعدها على خمسة أقوال:
(1204) أحدها: أنه العاص بن وائل السهمي، أخذ عَظْماً من البطحاء ففتَّه بيده، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: أيُحْيي اللهُ هذا بعد ما أرى؟ فقال: «نعم، يُميتُكَ الله ثُمَّ يُحْييكَ ثُم َّيُدخلكَ نار جهنَّم» ، فنزلت هذه الآيات، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(1205) والثاني: أنه عبد الله بن أبيّ ابن سلول، جرى له نحو هذه القصة، رواه العوفي عن ابن عباس.
(1206) والثالث: أنه أبو جهل بن هشام، وأن هذه القصة جرت له، رواه الضحاك عن ابن عباس.
(1207) والرابع: أنه أُميَّةُ بن خَلَف، قاله الحسن.
(1208) والخامس: أنه أُبيُّ بن خَلَف الجُمَحي، وهذه القصة جرت له، قاله مجاهد وقتادة والجمهور، وعليه المفسِّرون.
ومعنى الكلام: التعجُّب مِنْ جهل هذا المخاصِم في إِنكاره البعث والمعنى: ألا يَعلم أنه مخلوق فيتفكر في بدء خلقه فيترك خصومته؟! وقيل: هذا تنبيه له على نعمة الله عليه حيث أنشأه من نطفة فصار مجادلاً. وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا في إِنكار البعث بالعَظْم البالي حين فتَّه بيده، وتعجَّب ممن يقول: إِن الله يُحْييه وَنَسِيَ خَلْقَهُ أي: نَسِيَ خَلْقَنا له، أي: تَرَكَ النَّظَر في خَلْق نفسِه إذ خلق من نطفة قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ أي: بالية، يقال: رَمَّ العَظْمُ، إِذا بَلِيَ، فهو رَمِيمٌ، لأنه معدول عن فاعله، وكلّ