(1188) روى أبو رزين العقيلي، قال: قلت: يا رسول الله كيف يُحيي اللهُ الموتى؟ وما آيةُ ذلك في خَلْقه؟ فقال: «هل مررتَ بوادي أهلك مَحْلاً، ثم مررتَ به يهتزُّ خَضِراً؟» قلت: نعم، قال:
«فكذلك يُحيي اللهُ الموتى، وتلك آيتُه في خَلْقه» .
والثاني: كما أحيا الله الأرض الميتة بالماء، كذلك يُحيي الله الموتى بالماء. قال ابن مسعود:
يرسِلُ اللهُ تعالى ماءً من تحت العرش كمنِيِّ الرجال، قال: فتنبت لُحْمانهم وجُسْمانهم من ذلك الماء، كما تنبت الأرض من الثرى، ثم قرأ هذه الآية. وقد ذكرنا في الأعراف «1» نحو هذا الشّرح.
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)
قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فيه ثلاثة أقوال «2» : أحدها: من كان يريد العزَّة بعبادة الأوثان فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً، قاله مجاهد. والثاني: من كان يريد العزَّة فليتعزَّز بطاعة الله، قاله قتادة. وقد روى أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال:
(1189) «إِنَّ ربَّكم يقول كل يوم: أنا العزيز، فمن أراد عِزَّ الدَّارَيْن فليُطِع العزيز» .
والثالث: من كان يريد عِلْم العزَّة لِمن هي، فانها لله جميعاً، قاله الفراء.
قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وقرأ ابن مسعود وأبو عبد الرحمن السلمي، والنخعي، والجحدري، والشيزري عن الكسائي: «يُصْعَدُ الكلامُ الطَّيِّبُ» وهو توحيده وذِكْره وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ قال علي بن المديني: الكِلَم الطَّيِّب: لا إِله إِلا الله، والعمل الصالح: أداء الفرائض واجتناب المحارم. وفي هاء الكناية في قوله تعالى: يَرْفَعُهُ ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إِلى الكَلِم الطَّيِّب فالمعنى: والعمل الصالح يرفع الكَلِم الطَّيِّب، قاله ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك. وكان الحسن يقول: يُعْرَض القولُ على الفعل، فان وافق القولَ الفعلُ قُبِل، وإِن خالف رُدَّ. والثاني: أنها ترجع إِلى العمل الصالح، فالمعنى:
والعمل الصالح يرفعُه الكَلِم الطَّيِّب، فهو عكس القول الأول، وبه قال أبو صالح، وشهر بن حوشب.
فاذا قلنا: إِن الكَلِم الطَّيِّب هو التوحيد، كانت فائدة هذا القول أنه لا يُقْبَلُ عملٌ صالح إلّا من موحّد.