(1128) ذكر أهل العِلْم بالسّيرة، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم لمَّا انصرف من الخندق وضع عنه اللأْمة واغتسل، فتبدَّى له جبريل، فقال: ألا أراك وضعت اللأْمة، وما وضعت الملائكة سلاحها منذ أربعين ليلة؟! إنّ الله عزّ وجلّ يأمرك أن تسير إِلى بني قريظة فانِّي عامد إِليهم فمزلزِل بهم حصونهم، فدعا عليّاً رضي الله عنه فدفع لواءه إِليه، وبعث بلالاً فنادى في الناس:
(1129) إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يأمركم أن لا تصلُّوا العصر إِلا ببني قريظة، ثم سار إِليهم فحاصرهم خمسة عشر يوماً أشدَّ الحصار، وقيل: عشرين ليلة.
(1130) فأَرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أَرْسِل إِلينا أبا لُبَابة بن عبد المنذر، فأرسله إِليهم، فشاوروه في أمرهم، فأشار إِليهم بيده: إِنه الذَّبْح، ثُمَّ ندم فقال: خنتُ الله تعالى ورسولَه، فانصرف فارتبط في المسجد حتى أنزل الله تعالى توبته، ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فأمّر بهم رسول الله محمّد بن مسلمة، فكتفوا، ونُحُّوا ناحيةً، وجُعل النساء والذُّرِّية ناحيةً. وكلَّمت الأوس رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يَهَبَهم لهم، وكانوا حلفاءهم، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم الحُكْمَ فيهم إِلى سعد بن معاذ هكذا ذكر محمد بن سعد.
(1131) وحكى غيره: أنهم. نزلوا أوَّلاً على حكم سعد بن معاذ، وكان بينهم وبين قومه حلف، فَرَجَواْ أن تأخذه فيهم هوادة، فحكم فيهم أن يُقتل كلُّ مَنْ جَرَت عليه المَوَاسي «1» ، وتُسبى النساء