قوله تعالى: وَقالُوا يعني كفار مكة لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: «آياتٌ» على الجمع. وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «آيةٌ» على التوحيد. وإِنما أرادوا: كآيات الأنبياء قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ أي: هو القادر على إِرسالها، وليست بيدي. وزعم بعض علماء التفسير أنّ قوله تعالى: وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ منسوخ بآية السيف. ثم بيّن الله عزّ وجلّ أن القرآن يكفي من الآيات التي سألوها بقوله تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ؟! (1095) وذكر يحيى بن جعدة أن ناساً من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يكتب قد كتبوها، فيها بعض ما يقول اليهود، فلمَّا نظر إِليها ألقاها وقال: «كفى بها حماقة قوم أو ضلالة قوم أن يرغبوا عمَّا جاء به نبيُّهم إِلى قوم غيرهم» فنزلت: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ إِلى آخر الآية.
قوله تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ قال المفسرون: لمَّا كذَّبوا بالقرآن نزلت: قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَشهَد لي أنِّي رسوله، ويشهد عليكم بالتكذيب، وشهادةُ الله له: إِثبات المعجزة له بانزال الكتاب عليه، وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ قال ابن عباس: بغير الله تعالى. وقال مقاتل: بعبادة الشيطان.
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (53) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (54) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55)
قوله تعالى: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ قال مقاتل: نزلت في النَّضْر بن الحارث حين قال: فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ «1» . وفي الأجل المسمى أربعة أقوال. أحدها: أنه يوم القيامة، قاله سعيد بن جبير. والثاني: أجل الحياة إِلى حين الموت، وأجل الموت إِلى حين البعث، قاله قتادة. والثالث: مُدَّة أعمارهم، قاله الضحاك. والرابع: يوم بدر، حكاه الثعلبي.
قوله تعالى: وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ يعني العذاب. وقرأ معاذ القارئ، وأبو نهيك، وابن أبي عبلة:
«ولَتَأْتِيَنَّهم» بالتاء بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ باتيانه. قوله تعالى: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ أي: