والثاني: أنه لا يجوز أن يتأسَّف نبيّ الله على مصير ماله بعد موته إِذا وصل إِلى وارثه المستحق له شرعاً. والثالث: أنه لم يكن ذا مال.
(952) وقد روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن زكريا كان نجاراً.
قوله تعالى: وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا قال اللغويون: أي: مرضيّاً، فصُرِف عن مفعول إِلى فَعيل، كما قالوا: مقتول وقتيل.
يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (9) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)
قوله تعالى: يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ في الكلام إِضمار، تقديره: فاستجاب الله له فقال: «يا زكريّا إِنا نبشِّرك» . وقرأ حمزة: «نَبْشُرك» بالتّخفيف. وقد شرحنا هذا في سورة آل عمران «1» . قوله تعالى:
لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا فيه ثلاثة أقوال «2» : أحدها: لم يُسمَّ يحيى قبله، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وقتادة، وابن زيد، والأكثرون. فإن اعترض معترض، فقال: ما وجه المِدْحَة باسم لم يُسمَّ به أحد قبله، ونرى كثيراً من الأسماء لم يُسبَق إِليها؟ فالجواب: أن وجه الفضيلة أن الله تعالى تولَّى تسميته، ولم يَكِل ذلك إِلى أبويه، فسماه باسم لم يُسبَق إِليه. والثاني: لم تلد العواقر مثله ولداً، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. فعلى هذا يكون المعنى: لم نجعل له نظيراً. والثالث: لم نجعل له من قبل مِثْلاً وشِبْهاً، قاله مجاهد. فعلى هذا يكون عدم الشَّبَه من حيث أنه لم يعص ولم يهمّ