فصل: فأما تفسيرها: ف الْحَمْدُ رفع بالابتداء، ولِلَّهِ الخبر. والمعنى: الحمد ثابت لله، ومستقرّ له، والجمهور على كسر لام «لله» ، وضمها ابن [أبي] (?) عبلة، قال الفراء: هي لغة بعض بني ربيعة، وقرأ ابن السَّميفع (?) : «الحمد» بنصب الدال «لله» بكسر اللام. وقرأ أبو نهيك بكسر الدال واللام جميعا.
واعلم أن الحمد: ثناء على المحمود، ويشاركه الشكر، إلا أن بينهما فرقاً، وهو: أن الحمد قد يقع ابتداء للثناء، والشكر لا يكون إلا في مقابلة النعمة، وقيل: لفظه لفظ الخبر، ومعناه الأمر، فتقديره: قولوا: الحمد لله. وقال ابن قتيبة: (الحمد) الثناء على الرجل بما فيه من كرم أو حسب أو شجاعة، وأشباه ذلك. والشكر: الثناء عليه بمعروف أو لاكه، وقد يوضع الحمد موضع الشكر. فيقال:
حمدته على معروفه عندي، كما يقال: شكرت له على شجاعته.
فأما «الرب» فهو المالك، ولا يذكر هذا الاسم في حق المخلوق إلا بالاضافة، فيقال: هذا رب الدار، ورب العبد. وقيل: هو مأخوذ من التربية. قال شيخنا أبو منصور اللغوي: يقال: ربّ فلان صنيعته يربها رباً: إذا أتمها وأصلحها، فهو ربّ ورابٌ. قال الشاعر:
يربّ الذي يأتي من الخير إنه ... إذا سئل المعروف زاد وتمُّما
قال: والرب يقال على ثلاثة أوجه: أحدها: المالك. يقال: رب الدار. والثاني: المصلح، يقال: رب الشيء. والثالث: السيد المطاع. قال تعالى: فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً (?) .
والجمهور على خفض باء «ربِّ» . وقرأ أبو العالية، وابن السّميفع، وعيسى بن عمر بنصبها. وقرأ أبو رزين العقيلي، والربيع بن خثيم (?) وأبو عمران الجوني، برفعها.
فأما الْعالَمِينَ فجمع عالم، وهو عند أهل العربية: اسم للخلق من مبتداهم إلى منتهاهم، وقد سموا أهل الزمان الحاضر عالما. فقال الحطيئة:
أراح الله منك العالمينا (?)