التقية في القول. فظاهر هذا أنه لا يجوز له ذلك. فأما إِذا أُكره على الزنا، لم يجز له الفعل، ولم يصح إِكراهه، نص عليه أحمد. فان أُكره على الطلاق، لم يقع طلاقه، نص عليه أحمد، وهو قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: يقع.
قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا في المشار إِليه بذلك قولان:
أحدهما: أنه الغضب والعذاب، قاله مقاتل.
والثاني: أنه شرح الصدر للكفر. و «استحبُّوا» بمعنى: أحبوا الدنيا واختاروها على الآخرة.
قوله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ أي: وبأن الله لا يريد هدايتهم. وما بعد هذا قد سبق شرحه «1» إِلى قوله: وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ففيه قولان:
أحدهما: الغافلون عما يراد بهم، قاله ابن عباس. والثاني: عن الآخرة، قاله مقاتل.
قوله تعالى: لا جَرَمَ قد شرحناها في هود «2» . وقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:
(881) أحدها: أنها نزلت فيمن كان يفتن بمكّة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(882) والثاني: أن قوماً من المسلمين خرجوا للهجرة، فلحقهم المشركون فأعطَوهم الفتنة، فنزل فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ «3» فكتب المسلمون إِليهم بذلك، فخرجوا، وأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا، وقُتِل من قتل، فنزلت فيهم هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس.
(883) والثالث: أنها نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان الشيطان قد أزلَّه حتى لحق بالكفار، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقتَل يوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفّان، فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مروي عن ابن عباس، والحسن، وعكرمة، وفيه بُعد، لأن المشار إِليه وإِن كان قد عاد إِلى الإِسلام، فان الهجرة انقطعت بالفتح.
والرابع: أنها نزلت في عيَّاش بن أبي ربيعة، وأبي جندل بن سهيل بن عمرو، وعبد الله بن أَسيد الثقفي، قاله مقاتل.
فأما قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا فقرأ الأكثرون: «فُتنوا» بضم الفاء وكسر التاء، على معنى:
من بعد ما فتنهم المشركون عن دينهم. قال ابن عباس: فُتنوا بمعنى: عُذِّبوا. وقرأ عبد الله بن عامر: