الله، كذَّبوا بها، وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ أي: أن الكذب نعت لازم لهم، وعادة من عاداتهم، وهذا ردَّ عليهم إِذ قالوا: إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ «1» . وهذه الآية من أبلغ الزجر عن الكذب، لأنه خصّ به من لا يؤمن.
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (106) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (107) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (108) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (109) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111)
قوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ. قال مقاتل:
(876) نزلت في عبد الله بن سعد بن أَبي سرح القرشي، ومِقْيَس بن صُبابة، وعبد الله بن أنس بن خَطَل، وطعمة بن أُبيرِق، وقيس بن الوليد بن المغيرة، وقيس بن الفاكه المخزومي.
فأما قوله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ فاختلفوا فيمن نزل على أربعة أقوال:
(877) أحدها: أنه نزل في عمار بن ياسر، أخذه المشركون فعذَّبوه، فأعطاهم ما أرادوا بلسانه، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال قتادة.
(878) والثاني: أنه لما نزل قوله: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ إلى آخر الآيتين اللتين