فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والمعنى: إِذا نسخنا آية بآية، إِما نسخ الحكم والتلاوة، أو نسخ الحكم مع بقاء التلاوة وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ من ناسخٍ ومنسوخ، وتشديد وتخفيف، فهو عليم بالمصلحة في ذلك قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ أي: كاذب بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ فيه قولان:
أحدهما: لا يعلمون أنّ الله أنزله. والثاني: لا يعلمون فائدة النسخ.
قوله تعالى: قُلْ نَزَّلَهُ يعني: القرآن رُوحُ الْقُدُسِ يعني: جبريل. وقد شرحنا هذا الاسم في البقرة «1» . وقوله تعالى: مِنْ رَبِّكَ أي: من كلامه بِالْحَقِّ أي: بالأمر الصحيح لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا بما فيه من البيّنات فيزدادوا يقينا.
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ (105)
قوله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ يعني: قريشاً إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ أي: آدمي، وما هو من عند الله. وفيمن أرادوا بهذا البشر تسعة أقوال:
(867) أحدها: أنه كان لبني المغيرة غلام يقال له: يعيش، يقرأ التوراة، فقالوا: منه يتعلم محمد، فنزلت هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس. وقال عكرمة في رواية: كان هذا الغلام لبني عامر بن لؤي، وكان رومياً.
(868) والثاني: أنه فتى كان بمكة يسمى بلعام وكان نصرانياً أعجمياً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمه، فلما رأى المشركون دخوله إِليه وخروجه، قالوا ذلك، روي عن ابن عباس أيضاً.
(869) والثالث: أنه نزلت في كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيملى عليه «سميع عليم» فيكتب هو «عزيز حكيم» أو نحو هذا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي ذلك كتبت فهو كذلك» ، فافتتن، وقال: إِن محمداً يَكِل ذلك إِليَّ فأكتب ما شئت، روي عن سعيد بن المسيب.
(870) والرابع: أنه غلام أعجمي لامرأة من قريش يقال له: جابر، وكان جابر يأتي