وذكر أبو بكر الخطيب أن اسم صاحب الأرض «ربيعة بن عبْدان» ، وقيل: «عَيدان» ، بفتح العين وياء معجمة باثنتين. ومعنى الآية: لا تنقضوا عهودكم، تطلبون بنقضها عَرَضاً يسيراً من الدنيا، إنّ ما عند الله من الثواب على الوفاء هو خير لكم من العاجل. ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ أي: يفنى وَما عِنْدَ اللَّهِ في الآخرة باقٍ وقف بالياء ابن كثير في رواية عنه، ولا خلاف في حذفها في الوصل. وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «ولَيَجْزِيَنَّ» بالياء. وقرأ ابن كثير، وعاصم «ولَنَجْزِيَنَّ» بالنون. ولم يختلفوا في وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ أنها بالنون، ومعنى هذه الآية:

وليَجْزِيَنَّ الذين صبروا على أمره أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون في الدنيا، ويتجاوز عن سيئاتهم.

[سورة النحل (16) : آية 97]

مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (97)

قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ في سبب نزولها قولان: أحدهما: أن امرأ القيس المتقدِّم ذكره أقرّ بالحقّ الذي كان هَمَّ أن يحلف عليه، فنزلت فيه: مَنْ عَمِلَ صالِحاً، وهو إِقراره بالحق، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أن ناساً من أهل التّوراة وأهل الإِنجيل وأهل الأوثان جلسوا فتفاضلوا، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح.

قوله تعالى: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً اختلفوا أين تكون هذه الحياة الطيبة على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها في الدنيا، رواه العوفي عن ابن عباس. ثم فيها للمفسرين تسعة أقوال «1» : أحدها: أنها القناعة، قاله علي عليه السلام، وابن عباس في رواية، والحسن في رواية، ووهب بن منبه. والثاني:

أنها الرزق الحلال، رواه أبو مالك عن ابن عباس. وقال الضحاك: يأكل حلالاً ويلبس حلالاً.

والثالث: أنها السعادة، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع: أنها الطاعة، قاله عكرمة.

والخامس: أنها رزق يوم بيوم، قاله قتادة. والسادس: أنها الرزق الطيِّب، والعمل الصالح، قاله إِسماعيل بن أبي خالد. والسابع: أنها حلاوة الطاعة، قاله أبو بكر الوراق. والثامن: العافية والكفاية.

والتاسع: الرضى بالقضاء، ذكرهما الماوردي. والثاني: أنها في الآخرة، قاله الحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن زيد، وذلك إِنما يكون في الجنة. والثالث: أنها في القبر، رواه أبو غسّان عن شريك.

[سورة النحل (16) : الآيات 98 الى 102]

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (102)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015