إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (91) وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ فيه أربعة أقوال: أحدها: أنه شهادة أن لا إِله إِلا الله، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: أنه الحق، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث: أنه استواء السريرة والعلانية في العمل لله تعالى، قاله سفيان بن عيينة. والرابع: أنه القضاء بالحق، ذكره الماوردي. قال أبو سليمان: العدل في كلام العرب: الإِنصاف، وأعظمُ الإِنصاف: الاعتراف للمنعِم بنعمته. وفي المراد بالإِحسان خمسة أقوال «1» : أحدها: أنه أداء الفرائض، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: العفو. رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث: الإِخلاص، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والرابع: أن تعبد الله كأنك تراه، رواه عطاء عن ابن عباس. والخامس: أن تكون السريرة أحسن من العلانية، قاله سفيان بن عيينة.
فأما قوله تعالى: وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى فالمراد به: صلة الأرحام.
وفي الفحشاء قولان: أحدهما: أنها الزنا، قاله ابن عباس. والثاني: المعاصي، قاله مقاتل.
وفي (المنكر) أربعة أقوال: أحدها: أنه الشرك، قاله مقاتل. والثاني: أنه ما لا يُعرَف في شريعة ولا سُنَّة. والثالث: أنه ما وعد الله عليه النار، ذكرهما ابن السائب. والرابع: أن تكون علانية الإِنسان أحسن من سريرته، قاله سفيان بن عيينة.
فأما (البغي) فقال ابن عباس: هو الظلم، وقد سبق شرحه في مواضع.
قوله تعالى: يَعِظُكُمْ قال ابن عباس: يؤدِّبكم، وقد ذكرنا معنى الوعظ في سورة النساء «2» .
وتَذَكَّرُونَ بمعنى: تتَّعظون. قال ابن مسعود: هذه الآية أجمع آية في القرآن لخير أو لشر. وقال الحسن: والله ما ترك العدلُ والاحسانُ شيئاً من طاعة الله إِلاَّ جمعاه، ولا تركت الفحشاء والمنكر والبغي شيئاً من معصية الله إِلاّ جمعوه.
قوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ اختلفوا فيمن نزلت على قولين «3» : أحدهما: أنها نزلت في