واحد له، كما أن المتاع لا واحد له. والعرب تقول: جمع المتاع أمتعه، ولو جمعت الأثاث، لقلت:
ثلاثة أئثّة، وأثث: مثل أعثّة وعثث لا غير. وقال ابن قتيبة: الأثاث: متاع البيت من الفرش والأكسية.
قال أبو زيد: واحد الأثاث: أثاثة. وقال الزجاج: يقال: قد أثَّ يَأَث أَثّاً: إِذا صار ذا أثاث. وروي عن الخليل أنه قال: أصله من الكثرة واجتماع بعض المتاع إِلى بعض، ومنه: شَعَر أثيث.
فأما قوله: وَمَتاعاً فقيل: إِنما جمع بينة وبين الأثاث، لاختلاف اللفظين. وفي قوله: إِلى حِينٍ قولان: أحدهما: أنه الموت، والمعنى: ينتفعون به إِلى حين الموت، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: أنه إِلى حين البلى، فالمعنى: إِلى أن يَبلى ذلك الشيء، قاله مقاتل.
قوله تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا أي: ما يقيكم حر الشمس، وفيه خمسة أقوال:
أحدها: أنه ظلال الغمام، قاله ابن عباس. والثاني: ظلال البيوت، قاله ابن السائب. والثالث: ظلال الشجر، قاله قتادة، والزجاج. والرابع: ظلال الشجر والجبال، قاله ابن قتيبة. والخامس: انه كل شيء له ظل من حائط وسقف وشجر وجبل وغير ذلك، قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً أي: ما يكنّكم من الحرِّ والبرد، وهي الغيران والأسراب. وواحد الأكنان «كِنّ» ، وكل شيء وقى شيئاً وستره فهو «كِنّ» . وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ وهي القُمُص تَقِيكُمُ الْحَرَّ ولم يقل: البرد، لأنّ ما وقى من الحر، وقى من البرد. وأنشد:
وَمَا أدري إذا يَمَّمْتُ أرضاً ... أُريدُ الخير أيهما يَلَيْنِي (?)
وقال الزجاج: إِنما خص الحرَّ لأنهم كانوا في مكاناتهم أكثر معاناةً له من البرد. وهذا مذهب عطاء الخراساني.
قوله تعالى: وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ يريد الدروع التي يتَّقون بها شدّة الطعن والضرب في الحرب. قوله تعالى: كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ أي: مثلما أنعم الله عليكم بهذه الأشياء، يتم نعمته عليكم في الدنيا لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ والخطاب لأهل مكة، وكان أكثرهم حينئذٍ كفاراً، ولو قيل:
إِنه خطاب للمسلمين، فالمعنى: لعلكم تدومون على الإِسلام وتقومون بحقه. وقرأ ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وأبو رجاء: «لعلكم تَسلَمون» بفتح التاء واللام، على معنى: لعلكم إِذا لبستم الدروع تَسلَمون من الجراح في الحرب.
قوله تعالى: فَإِنْ تَوَلَّوْا أعرضوا عن الإِيمان فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ وهذه عند المفسرين منسوخة بآية السّيف.
قوله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وفي هذه النعمة قولان (?) :
أحدهما: أنها المساكن نعم الله عزّ وجلّ عليهم في الدنيا. وفي إِنكارها ثلاثة أقوال: أحدها:
أنهم يقولون: هذه ورثناها عن آبائنا. روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: نِعَم الله المساكن، والأنعام، وسرابيل الثياب، والحديد، يعرفه كفار قريش، ثم ينكرونه بأن يقولوا: هذا كان لآبائنا