ذهبت الشمس» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربّها عزّ وجلّ، فتستأذن في الرجوع، فيؤذَن لها، فكأنها قد قيل لها: ارجعي من حيث جِئتِ، فترجع إِلى مطلعها فذلك مستقرها، ثم قرأ: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها «1» ، أخرجه البخاري ومسلم.
وأمّا النبات والشجر، فلا يخلو سجوده من أربعة أشياء. أحدها: أن يكون سجوداً لا نعلمه وهذا إِذا قلنا: إِن الله يُودِعه فهماً. والثاني: أنه تفيُّؤ ظلاله. والثالث: بيان الصنعة فيه. والرابع: الانقياد لما سُخِّر له.
قوله تعالى: وَالْمَلائِكَةُ إِنما أخرج الملائكة من الدوابّ لخروجهم بالأجنحة عن صفة الدبيب.
وفي قوله: وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ قولان:
أحدهما: أنه من صفة الملائكة خاصة، قاله ابن السائب، ومقاتل.
والثاني: أنه عام في جميع المذكورات، قاله أبو سليمان الدمشقي.
وفي قوله: مِنْ فَوْقِهِمْ قولان، ذكرهما ابن الأنباري: أحدهما: أنه ثناءٌ على الله تعالى، وتعظيم لشأنه، وتلخيصه: يخافون ربهم عالياً رفيعاً عظيماً. والثاني: أنه حال، وتلخيصه: يخافون ربهم معظّمين له عالمين بعظيم سلطانه.
وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52)
قوله تعالى: وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ.
(862) سبب نزولها: أن رجلاً من المسلمين دعا الله في صلاته، ودعا الرحمن، فقال رجل من المشركين: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟ فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل.
قال الزجاج: ذِكْر الاثنين توكيد، كما قال تعالى: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ.
قوله تعالى: وَلَهُ الدِّينُ واصِباً في المراد بالدِّين أربعة أقوال: أحدها: أنه الإِخلاص، قاله مجاهد. والثاني: العبادة، قاله سعيد بن جبير. والثالث: شهادة أن لا إِله إِلاّ الله، وإِقامة الحدود، والفرائض، قاله عكرمة. والرابع: الطاعة، قاله ابن قتيبة.
وفي معنى «واصباً» أربعة أقوال. أحدها: دائماً، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الحسن وعكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة وابن زيد والثوري واللغويون. قال أبو الأسود الدؤلي:
لا أَبْتَغِي الحمدَ القَليلَ بقاؤه ... يوما بذمّ الدّهر أجمع واصبا