المحفوظ الذي أُثبت فيه ما يكون ويحدث. وروى أبو الدّرداء عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال:
(836) «إِن الله تعالى في ثلاث ساعات يبقَين من الليل ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت» . وروى عكرمة عن ابن عباس قال: هما كتابان، كتاب سوى أم الكتاب يمحو منه ما يشاء ويثبت، وعنده أمّ الكتاب لا يغيّر منه شيء.
وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (40)
قوله تعالى: وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أي: من العذاب وأنت حيٌّ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل أن نريَك ذلك، فليس عليك إِلا أن تبلّغ، وَعَلَيْنَا الْحِسابُ قال مقاتل: يعني الجزاء. وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس أن قوله: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ نُسخ بآية السيف وفرض الجهاد، وبه قال قتادة.
[سورة الرعد (13) : آية 41]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (41)
قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها فيه خمسة أقوال «1» :
أحدها: أنه ما يفتح الله على نبيه من الأرض، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، والضّحّاك. قال مقاتل: (أو لم يروا) يعني: كفار مكة (أنا نأتي الأرض) يعني: أرض مكة «ننقصها من أطرافها» يعني: ما حولها. والثاني: أنها القرية تخرب حتى تبقى الأبيات في ناحيتها، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة. والثالث: أنه نقص أهلها وبركتها، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
وقال الشعبي: نقص الأنفس والثمرات. والرابع: أنه ذهاب فقهائها وخيار أهلها، رواه عطاء عن ابن عباس. والخامس: أنه موت أهلها، قاله مجاهد، وعطاء، وقتادة.
قوله تعالى: وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ قال ابن قتيبة: لا يتعقَّبه أحد بتغيير ولا نقص. وقد شرحنا معنى سرعة الحساب في سورة (البقرة) «2» .