وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (37)
قوله تعالى: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ أي: وكما أنزلنا الكتاب على الأنبياء بلغاتهم، أنزلنا عليك القرآن حُكْماً عَرَبِيًّا قال ابن عباس: يريد ما فيه من الفرائض. وقال أبو عبيدة: ديناً عربيّاً.
قوله تعالى: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ فيه قولان: أحدهما: في صلاتك إِلى بيت المقدس بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ أن قبلتك الكعبة، قاله ابن السائب. والثاني: في قبول ما دعوك إِليه من مِلَّة آبائك، قاله مقاتل. قوله تعالى: ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ أي: ما لك من عذاب الله من قريب ينفعك وَلا واقٍ يقيك.
[سورة الرعد (13) : آية 38]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (38)
قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ الآية.
(834) سبب نزولها أن اليهود عيَّروا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بكثرة التزويج، وقالوا: لو كان نبياً كما يزعم، شغلته النبوَّة عن تزويج النساء، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
ومعنى الآية: أن الرسل قبلك كانوا بشراً لهم أزواج، يعني النساء، وذريَّة، يعني الأولاد. وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أي بأمره، وهذا جواب للذين اقترحوا عليه الآيات.
قوله تعالى: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لكل أجل من آجال الخَلق كتاب عند الله، قاله الحسن. والثاني: أنه من المقدّم والمؤخّر، والمعنى: لكل كتاب ينزل من السماء أجل، قاله الضحاك والفراء. والثالث: لكل أجل قدَّره الله عزّ وجلّ ولكل أمر قضاه كتاب أُثبت فيه ولا تكون آية ولا غيرها إِلا بأجل قد قضاه الله في كتاب، هذا معنى قول ابن جرير.
[سورة الرعد (13) : آية 39]
يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (39)
قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم: «ويثبت» ساكنة الثاء خفيفة الباء. وقرأ ابن عامر: وحمزة، والكسائي: «ويثبِّت» مشددة الباء مفتوحة الثاء. قال أبو علي: المعنى: ويثبِّته، فاستغنى بتعدية الأول من الفعلين عن تعدية الثاني.
واختلف المفسرون في المراد بالذي يمحو ويثبِت على ثمانية أقوال «1» : أحدها: أنه عامّ، في