أو مخالفاً. فإن كان موافقاً قُبل، وإن كان مخالفاً وجب رده على قائله كائناً من كان، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر» . إذا كان هذا في قول أبي بكر وعمر الذي يُعارض به قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فما بالكم بقول من دونهما في العلم والتقوى والصحبة والخلافة؟! إن ردَّ قوله إذا خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، من باب أولى، ولقد قال عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . (النور: 63) . قال الإمام أحمد رحمه الله: «أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا ردّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك» .

وإن أول زاد يتزود به الداعية إلى الله عز وجل أن يكون على علم مستمد من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، الصحيحة المقبولة، وأما الدعوة بدون علم فإنها دعوة على جهل، والدعوة على الجهل ضررها أكبر من نفعها، لأن هذا الداعية قد نصب نفسه موجهاً ومرشداً فإذا كان جاهلاً فإنه بذلك يكون ضالاً مضلاًّ والعياذ بالله، ويكون جهله هذا جهلاً مركباً، والجهل المركب أشد من الجهل البسيط، فالجهل البسيط يمسك صاحبه ولا يتكلم، ويمكن رفعه بالتعلم، ولكن المشكلة كل المشكلة في حال الجاهل المركب، إن هذا الجاهل المركب لن يسكت بل سيتكلم ولو عن جهل وحينئذ يكون مدمراً أكثر مما يكون منوراً.

* أيها الأخوة: إن الدعوة إلى الله على غير علم خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم، ومن اتبعه، استمعوا إلى قول الله تعالى آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلّم، حيث قال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} . (يوسف: 108) . فقال: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى} ، أي أن من اتبعه، صلى الله عليه وسلّم، فإنه لابد أن يدعو إلى الله على بصيرة لا على جهل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015