رياض النفوس (صفحة 959)

وكان من شأن عباد الجزيرة إذا أرادوا التوجه إلى الحصون للرباط، أتوا إليه وسألوه أن يمضي معهم رغبة في صحبته، فيقول لهم: حتى أشاور والدتي - وكان برّا بها، مطيعا لها، مؤديا لحقها - فيدخل إليها فيشاورها، فإن أذنت له مضى معهم. وإن أبت حلس وتركهم. فقالوا له يوما: في مثل السّير إلى الرباط وأبواب البرّ تشاور والدتك؟ فقال لهم: نترك ما هو أفضل لي من طاعة الوالدة ونخرج في ما هو أتعب لي وأشق عليّ وأقل أجرا، بل أجري في طاعتها أكبر من أجري في المواضع التي نتوجه إليها معكم. وذكر عنه من إبرارها شيء عظيم.

وكانت له فراسة فضّله الله تعالى بها، فمن ذلك أنه كان إذا أقرأ الصبيان أعشارهم يقول لطفل (منهم): اقرأ أنت يا شصّ، ويكثر من قول ذلك، فإذا كبر الطفل تسرّق وتلصّص وصحّت فيه فراسة أبي إسحاق - رحمه الله تعالى - وبصيرته.

ولما قرأ كتاب آداب المعلمين لمحمد بن سحنون - رضي الله عنهم - ترك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015