رياض النفوس (صفحة 953)

قال مكي بن يوسف الأبزاري: رابطنا ومشينا الدور ومحمود معنا، ونحن على الساحل، فأصابني عطش، فشكوت ذلك وقلت: لا أستطيع أن أصبر، فقال لي: تعال، فدخل البحر فوقف فيه ثم غرف بيديه جميعا فشرب من ماء البحر. ثم غرف ثانية وقال لي: اشرب. فشربت من يديه حتى ارتويت وزال عطشي، فغرفت أنا بيدي لأشرب فوجدت ماء البحر [ما ألفته]، فألقيته من فمي. وعلمت فضله. ثم مشينا.

وكان رضي الله عنه حبّب إليه، في صباه، حضور الجنائز [والصلاة عليها] والصلاة في الخلوة والمشي بين المقابر والمواضع الخالية من / الناس.

وكانت والدته عملت له قميصا (فلبسها). ثم إنها رأته يلبس قميصا مرقعة بعد ذلك، فسألته عن القميص (التي عملت له)، فقال لها: ذهبت، فاستقصت الوالدة على خبرها. فأخبرت أنه باعها واشترى بثمنها قمحا وتصدّق به على الفقراء في «دار حجّاج الزقاق»، وتولى إعطاءه لمساكين حجاج، فلما صحّ عندها الخبر قامت إليه فضربته ضربا شديدا، وأغاظها ذلك من فعله وقالت له: عملتها لك بيدي لتفرح بها فنزعتها عن بدنك وبقيت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015