رياض النفوس (صفحة 95)

وكانت الكاهنة حين أسرت ثمانين رجلا من أصحاب حسان أحسنت إسارهم إلا رجلا واحدا وهو خالد بن يزيد العبسي، وكان أذكر من كان مع حسّان، فحبسته عندها، ثم عمدت إلى دقيق شعير مقلوّ، فأمرت به فلتّ بزيت - والبربر تسمّى ذلك «البسيسة» - ثم دعت خالد بن يزيد وابنين لها فأمرتهم فأكلوا ثلاثتهم منها، وقالت لهم: أنتم [الآن] قد صرتم إخوة. وذلك عند البربر من أعظم العهد في جاهليتهم إذا فعلوه.

ثم إنّ حسّان بعث رسولا إلى خالد - وخالد عند الكاهنة - يقول له: قال لك حسّان: مالك لا تكاتبنا بخبر الكاهنة؟ فكتب خالد كتابا إلى حسان مع رسوله في خبزة ملّة، قد أنضجها، ثم دفعها إلى الرسول ليخفي الكتاب، وليظنّ من رأى الخبزة أنها زاد ذلك الرجل فلم يغب شخص الرجل الرسول [عنهم] حتى خرجت الكاهنة ناشرة شعرها [وهي تقول: يا معشر بنيّ]، هلاككم فيما يأكل النّاس فكرّرت ذلك ثلاث مرّات، ومضى الرسول حتى قدم على حسان بالكتاب، وقد افترق الناس يمينا وشمالا يطلبون من قالت فيه، فستره الله عزّ وجلّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015