رياض النفوس (صفحة 865)

ودخل عليه فعارضه جؤذر الصقلبي وقال له: يا شيخ الخير من / الله والشر ممّن؟ فانتهره سعدون وقال له: قال الله عزّ وجلّ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ... } فأنكر عبيد الله على الصقلبي معارضته وأصرفه كما يجب.

قال: وأغرى به بعض من كان يسكن بالمنستير ممّن هو متصل بشيعة بني عبيد [الله]- لعنه الله - فرفع على سعدون أنه يجتمع إليه العامة مع أشياء هو بريء منها وان عنده كتب الحدثان، فبعث عبيد الله وراءه صقلبيا فدخل على سعدون في بيته وقال له: يا شيخ عليك السمع والطاعة؟ فقال له: نعم فقال له: مدّ رجليك؟ فمدّهما، وقيدهما، ثم جمع ما في بيته من الكتب، ثم خرج به وبكتبه حتى وقف به على عبيد الله، فاتصل ذلك بأم أبي القاسم ولد عبيد الله، فكلّمته عليه وقالت له: تأتي إلى رجل صالح ولي من أولياء الله سبحانه وتعالى تفعل به هذا؟ [أما] تخشى أن يدعو على ولدك فيهلك؟ فأمر بتخليته وأزال القيود من رجليه ودفع إليه ثلاثمائة دينار وبعث إليه دابة وقال له: تصرف [هذه] الدنانير فيما تريد وهذه الدابة تركبها فقال له سعدون - رضي الله عنه - هذه الدنانير قد قبلتها، ثم دعا أحد / أولاد عبيد الله، فجعلها في حجره وجرّ بيده على رأسه ودعا له ثم قال لعبيد الله: هذه الدنانير هبة مني لولدك هذا ودفعها إليه، وأما الدابة فأنا شيخ كبير لا أستطيع ركوبها، وإنما أركب ما لا يتعبني من الحمير، ثم انصرف (عنه)، فقال له عبيد [الله]:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015