رياض النفوس (صفحة 851)

المنام، وودع الراحة في الدنيا وداع الكرام، ولا ينبغي لمن عقل أمر نفسه أن يوادعها على حال، فو الله الذي لا إله إلاّ هو وحده لا شريك له ما رضيت (لله) نفسي ولا عملي منذ بلغت إلى أن صرت شيخا.

قال:

ومن ذكر (عمل) الماضين، استقلّ عمله في الباقين، ومن (كان) ذا أثقال كيف يلحق بالمخفين، واحذر أن يكون في عملك حبّ المحمدة من المخلوقين ومخافة ذمّهم، فإنّك إن بليت بذلك هلكت وإن نجوت من ذلك كنت من المخلصين، ولم أر أبعث للإخلاص من الوحدة / ومتى أحبّ العبد الخلوة فقد تعلّق بعمود الإخلاص، فاجعل الغالب على قلبك أنه لولا الله ما عملت عملا، فإذا غلب على قلبك ذلك فقد صغى القلب للإخلاص.

وقال أبو الفضل:

أيها القارئ: قد أشرق لك نور الحكمة وضياء المعرفة، واستنارت أنوار العلم وظهر لك، وألجم بالأدب عقلك لإجابته ولقبول النصح، فقد مهّد لك منهاج السلامة فاستمع القول معهم، فإنه عزّ وجلّ يقول (في كتابه العزيز):

{أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} يعني بقلبه، وان قليل الفهم مع قليل العظة أعظم في النفع من كثير العظة مع قليل الاستماع؛ وهذا الكلام هدية مني لمن قبله، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «نعمت الهديّة ونعمت العطيّة الكلمة من كلام الحكمة يسمعها الرجل المؤمن ثم ينطوي عليها حتى يهديها لأخيه» ولو أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015