رياض النفوس (صفحة 56)

جزعا شديدا، فتوضأ وأخذ في الصلاة وهو في المسجد - ولم يبن بعد - ومعه أشراف الناس من الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم، فلما انفجر الصبح ركع ركعتي الفجر، وإذا بالتكبير بين يديه، فقال لمن حوله: «ألا تسمعون شيئا؟ » قالوا: «لا نسمع شيئا! » فعلم أن الأمر من عند الله عزّ وجلّ. فأخذ اللواء فوضعه على عاتقه، وأقبل يتبع التكبير الذي بين يديه، حتى انتهى إلى موضع محراب المسجد الأعظم اليوم، فلما انتهى إليه انقطع عنه التكبير، فركز لواءه وقال: «هذا محرابكم! » فاحتذى به جميع مساجد المدينة وسائر البلدان، ثم أخذ الناس في بنيان الديار والمساجد وغير ذلك، فشد إليها الناس المطايا من كل مكان، وعمرت بفضلاء الناس من الفقهاء والمحدثين والمتطوعين والعابدين والنسّاك والزاهدين، وأعزّ بها الإسلام وأهله. ودمغ بها أهل النفاق والأهواء والشك والضلالة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015