قيل لحمديس: «فلو أن إماما عمل بالمعصية أكنت تأمره أو تنهاه؟ » فقال:
«لا»، واحتج بالحديث: «ينبغي للمؤمن ألا يذل نفسه» قالوا: «وكيف يذل نفسه؟ » قال: «يعرضها من البلاء إلى ما [لا] طاقة لها به».وذكر حديث مالك الذي قال [فيه]: «أدركت سبعة عشر تابعيا، فما سمعت أنهم قاموا إلى إمام جائر فوعظوه».قيل لحمديس: «فلو أن إماما دعا إلى البدعة وأمر بها وبات بالدار؟ » قال:
«نجاهده».
وقال حمديس: «اجتمعنا عند إبراهيم بن أحمد أنا ويحيى بن عمر وجماعة، فطال بنا المجلس والمذاكرة، ثم عطف عليّ إبراهيم فقال [لي]: «من أين عيشك؟ وفي كم أنت من العيال؟ » فقلت: في ستة. فقال لي: العيش من أين؟ فقلت له:
«نحن من الله عزّ وجل في ستر جميل».فسكت عني، فقلت له: «لي إلى الأمير حاجة».فنشط إليها وقال: «اذكر حاجتك» فقلت له: «تعافيني من المجيء إليك بعد هذا المجلس، فإنك لست تجد عندي ما تريده» فسكت ساعة ثم قال: «قد فعلت».فعطف عليه يحيى بن عمر وقال: «وأنا أيها الأمير» فقال: «لست أفعل»، ثم انصرفنا».
وقال أبو سعيد [بن] محمد بن سحنون: «لما اعتل حمديس أحضرنا له طبيبا، فتبسم وقال: «ما أقبح المخالفة بعد الموافقة! من أراد الله عزّ وجل به حالا / وأراد هو غيره، أليس قد خالف؟ » ثم قال: