الشاب، فلما بلغ ذلك زيدا قال: «ما هذا الذي أردتم؟ و [ما] الذي بلغني أنكم تنفستم به في شأن الشاب؟ » فقالوا: «هو ما قيل لك، أصلحك الله، لاستخفافه بحقك وامتهانه لقدرك وعلمك» فقال لهم: «أعطي الله عهدا إن تقدم إليه أحد منكم إلا بالتي هي أحسن [ما] وطئ لي بساطا. أنا أصلح شأن الشاب».فصرّ صرة فيها عشرة دراهم، وجعلها في جبته، واستعمل لفردة نعل من / نعليه قبالا واهيا، ثم توجه إلى الجامع. فلما مر بالشاب عاود اللفظ القبيح حسب عادته، فلما حاذاه اتكأ على القبال فقطعه، ثم مال إلى الشاب فسلم عليه ثم قال: «أي بني، لعل عندك قبالا؟ » فأعطاه قبالا، فدفع إليه بالصرة، فقال له الشاب: «ما بال هذه الصرة؟ » فقال: «إنك صنعت لي هذا القبال، فهو مكافأة لك عليه» وانصرف مع الطلبة إلى الجامع. فلما انصرف من الجامع وقرب من حانوت الشاب قام الشاب على قدميه وقال: «الحمد لله الذي اختص بلدنا بهذا الشيخ الفاضل»، ثم قال: «اللهم أبقه لنا واحرزه للمسلمين، فلقد انتفع به شبابنا وحظي به شيوخنا. ليت في بلدنا آخر مثله».
استعمل، رحمه الله تعالى، أدب ما أنزل عزّ وجل في كتابه: {(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وَما يُلَقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا، وَما يُلَقّاها إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)}.