رياض النفوس (صفحة 371)

فأتى بقرص من شعير ولبن فقال لي: «كل أنت هذا يا حمدون».

وكان بجواره جار له دميم المنظر وكانت له جارية حسناء، وكان يصيبها، فشكت إليه أن ابنا لعبد الخالق كان يتعرضها. وكانت صلاته مع عبد الخالق في المسجد، فلما صلّى عبد الخالق العشاء الآخرة انصرف يريد داره فصحبه الرجل وجعل يقول له: «يا أبا خالد، أنت ترى منظري وعندي جارية أصيبها، وقد شكت إليّ ابنك، وأنا أخاف أن تجيء بولد فيخبث عليه قلبي».فجعل عبد الخالق يقول: «لا تتكلم بهذا الكلام، فإن عليك فيه دركا، ولا يسمع هذا الكلام منك أحد».ثم دخل عبد الخالق إلى داره وانصرف الرجل عنه. فلما صلّى الرجل الصبح في جماعة التمس عبد الخالق، فلم يجده، فتوجه إلى داره، فإذا أبواب الدار مفتحة وليس في الدار أحد. فسأل عنه فقالوا: تحوّل البارحة بعياله إلى الفندق [إذ] لم يمكنه أن يكتري دارا بالليل.

وحدث الثقة أن إبراهيم بن الأغلب أرسل إلى عبد الخالق فجاءه، وكان عبد الخالق رجلا طويلا، آدم غليظا، كثير الشعر يلبس عمامة كأنها شقّة، فقال له الأمير: «بلغني أنك من العرب وأن لك عيالا، فخذ هذه المائة دينار»، فقال له [عبد الخالق]: «أنا عنها غنيّ» فقال إبراهيم: «زيدوه مائة أخرى» فقال له عبد الخالق: «لو كان بي حاجة إلى ذلك لكان في المائة كفاية».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015