رياض النفوس (صفحة 366)

121 - ومنهم أبو يزيد عبد الملك بن أبي كريمة الأنصاري (*)، مولى لهم.

قال أبو العرب: كان ثقة [خيارا]، يقال إنه كان مستجابا. سمع من مالك والثوري وغيرهم. وسمع منه خلق من الناس، وله مناقب جليلة.

وكان سحنون يقول: «كان بتونس عليّ بن زياد وابن أشرس وعبد الملك بن أبي كريمة. ولم يكن ابن أبي كريمة في ناحيتهما، وإنما كان رجلا صالحا ورعا صاحب أحاديث».

قال غيره: وكان يقوم الليل كله، فإذا كان السحر نادى بصوت له محزون:

«إليك قطع العابدون دجى الليل بتبكير الدلج، يستبقون إلى رحمتك وفضل مغفرتك. فبك إلهي لا بغيرك أسألك أن ترفعني إليك درجة المقربين، وتجعلني في زمرة السابقين»، فلا يزال كذلك حتى ينادى بالفجر.

وذكر عنه، رحمه الله تعالى، أنه كان يأتي وادي «بجردة» فإن لم ير أحدا مشى بالبغلة على غير المجاز في ماء غريق، وإن رأى الناس خاض بها الماء وأخذ على المجاز.

حدث عيسى بن مسكين قال: خرج عبد الملك بن أبي كريمة يوما وهو يحمل في محفة وقد كبر وخرف، فمر على مجلسه الذي كان يجلس فيه مع أصحابه للعلم فأنشأ يقول:

لقد ذهب الكماة وأسلموني ... كفى حزنا لفرقتي الكماة

هم كانوا الثقات لكل أمر ... وهم زين المجالس في الحياة

تولوا للقبور وخلفوني ... فوا حزنا على فقد الحماة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015