قلبي غيبته، وقد جاءني كتابه، فأحب منك أن تقرأه لي»، فأجابها إلى ذلك، فقالت له: «يا سيدي، له أخت بها من الوجد عليه مثل ما بي، فإن رأيت أن تلصق إلى الباب فتسمع أخته كتابه! » فقال: «نعم»، فأتاها إلى الباب ففتحته ودخلت وقالت له: [يا سيدي]، إنها لا تخرج / وهي وراء الباب الوسطاني، فإن رأيت أن تتقدم إلى الباب الأوسط وتقرأه لها، فإن الله تعالى يكمل أجرك».
فتقدم شقران إلى الباب، فبادرت العجوز وغلقت الباب البراني، وفتحت الجارية الباب الأوسط، وضربت بيدها في أطواق شقران وقالت له: «قد وحلت! » وراودته عن نفسه. فلما رأى أن البلاء قد نزل به أراد ملاطفتها ليتخلص منها، فقال لها: «ولا بد من ذلك؟ » فقالت: «لا بد من ذلك! » فقال لها: «اعطيني ماء أتوضأ به» فأعطته ماء فتوضأ وضوءه للصلاة، ثم قال: «اللهم إنك قد خلقتني كما شئت، وقد خفت الفتنة على نفسي، وأسألك يا ربي أن تغير خلقتي وتصرف شرها عني»، فخرج وقد تغير وجهه وظهر به الجذام، فلما رأت ذلك منه دفعته في صدره وأخرجته من الدار، ووقاه الله شرها. فكان ذلك بيديه ورجليه فراضا حتى مات رحمه الله تعالى ورضي عنه، فإنه اختار بلاء الدنيا على بلاء الآخرة».
ومما يشبه هذه الحكاية ما حدث به مالك بن أنس، رضي الله تعالى عنه، قال: «كان يونس بن يوسف من العباد، وإنه راح يوما المسجد فلقيته امرأة