وذكر الفقيه أبو القاسم بن شبلون، رحمه الله تعالى، قال: حدثونا أن رجلين استعدى أحدهما على الآخر عند أبي محرز القاضي، وأثبت عنده شاهدين بعد أن كشف عنهما، فعدّلا. فلما أراد أن يوجه الحكم على المشهود عليه؛ بعد أن أعذر [إليه]، أتاه المشهود عليه بعد صلاة المغرب فهجم عليه في سقيفته، وقال: «أيها القاضي! عزمت [على] أن تحكم عليّ؟ »، قال القاضي: «نعم! »؛ قال المشهود عليه: «امرأته طالق ثلاثا، وكل مملوك له حر إن كان شهد عليّ هذان إلا بزور! » فقال أبو محرز: «ليس هذا عليّ، وأنا قد كشفت عنهما فلم يبلغني عنهما إلا خير».ثم أصبح أبو محرز إلى مجلس قضائه، فجلس. فأقبل المشهود له فقال له: «احكم لي أصلحك الله».فقال: «نعم، لكن تأتي معك / بالشاهدين اللذين شهدا لك، فإني أريد أن أسألهما عن شيء بقي عليّ لم أسألهما عنه».فمضى الرجل فأحضرهما، فلما جلسا في مجلس القاضي أبي محرز قال القاضي بأعلى صوته: «يا شكرديد! إن في حلقتي شاهدي زور، فامض إلى «باب سلم» فجئني بجملين حتى أحملهما عليهما»، فمضى «شكرديد».فالتفت أحد الشاهدين إلى الآخر [وقال]: «قم بنا فإنا نراد. ما أحسبه يحمل على هذين الجملين غيرنا» فهربا متسللين حتى غابا. فلما أتى «شكرديد» بالجملين قال «أبو محرز» للمشهود له: «أين شاهداك؟ » فقال: «ها هنا كانا الساعة، ولا أدري أين توجها! » فقال له أبو محرز: «يا عدو الله! تجترئ علي بشهود الزور؟ » وهم بضربه.