رياض النفوس (صفحة 293)

بالمغرب والمشرق مما يطول بذكره الكتاب. ثم ختم الله عزّ وجلّ له بالشهادة، فاستشهد بمدينة تونس، وذلك لما دخلها جيش زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب في [حرب] منصور الطنبذي وأراد استباحتها وقتل أهلها وسبيهم. جلس عباس بن الفارسي في داره ولم يقاتل حتى دخلوا عليه في داره، فخرج بسيفه وهو يقول: «الجهاد، الجهاد» فقتل وقطعت رأسه، وطرحت جثته بخربة بتونس؛ فأقامت سبعة أيام لم يقربها ذو ناب ولا مخلب حتى دفنت. وكان يرى عليه كل ليلة مصباح أو كالمصباح.

ذكر عن أبي إسحاق بن علي بن حميد، قال: كنت يوما جالسا في مجلس الأمير زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب، إذ دخل عليه أبو فهر بن عمرون، فأخبره بما جرى له في تونس وفتحه لها واستيلائه عليها، ثم قال له: «وأعلمك أني قتلت عباس بن الفارسي»، فاستعظم ذلك زيادة الله وأنكره، وقال له: «ما حملك على ذلك، وما دعاك إلى قتله، وهو رجل صالح عالم؟ أما علمت أن قاتل عباس بن الفارسي لا يلبث حولا؟ » قال أبو إسحاق: فما دار الحول على أبي فهر حتى قتل.

قال أبو العرب: قال لي أبي: حدثني «صبرة» - مولى لنا - قال: «رأيت عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015