رياض النفوس (صفحة 288)

وكان عالما بالعربية وعبارة الرؤيا: روى عيسى عن أبي خارجة [أنه قرأ] أن المشط يذهب الوباء، بالتصحيف. وحضره رجل أعرابي فقال له: «يا أبا خارجة، انظر في هذا الحرف إنما هو «الوناء» بالنون».فتفكر أبو خارجة قليلا ثم قال: «نعم والله، هو الوناء وهو الضعف والكلل؛ ودليل ذلك قوله تعالى {(وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي)} يعني تضعفا».

قال: وشكا نبي من الأنبياء إلى الله عزّ وجلّ الضعف في قومه، فأمره أن يأمرهم أن يأكلوا لحم الثنيان باللبن.

وعنه، رضي الله تعالى عنه: أنه خرج إلى «سوسة» فنزل في بعض الطريق واستلقى، وقال لأصحابه: «يأتيكم الساعة رجلان على دابة، فيسألان عن شيء فيسمعان ما يكرهان».فبينما هم كذلك إذ أقبل رجلان على بغلة فسألا عن الشيخ أبي خارجة فأخبرا، فقالا له: رجل له عجل رأى في المنام كأنه خالفه إلى خمير عنده فأكله. فقال له أبو خارجة: هذا رجل يخالفه إلى أهله. فقال [أحد] الرجلين لصاحبه: «قد نهيناه من دخوله إليه فلم ينته».

وكان رحمه الله تعالى ممن ينطق بالحكمة:

عن أبي عثمان سعيد بن حسان أنه قال: أوصى أبو خارجة بعض إخوانه فقال:

يا عبد الله؛ أوصيك بوصية: وهي أن تكون ذاكرا غانما أو ساكتا سالما، وإياك وكثرة الكلام: إن العبد يسأل يوم القيامة عن فضول كلامه كما يسأل عن فضول ماله، وإياك وكثرة الضحك: فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه، ويورث الفقر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015