رياض النفوس (صفحة 229)

مبنية بالطوب على بعض داره، فرفع رأسه إليها وردد النظر إليها ثم قال: «يا ابن غانم؛ ما ظننت أنه يبلغ بك الأمر إلى هذا كله! .»، وأقبل يتعجب من ذلك ويستعظمه.

عن محمد بن سحنون قال: كانت المعتزلة تدّعي: «عبد الله بن فروخ عندنا».

فأخبرني بعض أصحاب أبي، وكان قد صحب أبا خارجة، قال: نزل بنا أبو خارجة - وقد كنت أسمع أن ابن فروخ يرمى بالاعتزال - فسألته عن ذلك، فقال:

من قال هذا؟ أنا حي، فو الله الذي لا إله إلا هو، ما رأيت بهاتين العينين - ومس عينيه بإصبعيه - شابّا أعبد من ابن فروخ. ثم قال: والله لقد كنت معه حتى أتاه حيوس بن طارق فقال له: ما تقول في المعتزلة؟ فقال له: وما سؤالك عن المعتزلة؟ فعلى المعتزلة لعنة الله قبل يوم الدين، وفي يوم الدين، وبعد يوم الدين، وفي طول دهر الداهرين! » فقال له حيوس بن طارق: لا تفعل فإن فيهم رجالا صالحين.

فقال: ويحك! ما أحسبك تخاف في نفسك [في قعود] ولا في قيام من الناس.

وهل فيهم رجل صالح؟

قال سحنون. «مات رجل يقال له الرفّاء، [وكان] من أصحاب البهلول، وكان فاضلا فحضره ابن غانم وابن فروخ والبهلول، فأتي بجنازته وبجنازة ابن صخر المعتزلي، فصلّي على الرفاء ثم قدم ابن صخر المعتزلي، فقالوا لابن غانم: «الجنازة! » فقال: «كلّ حيّ ميت، قدموا دابتي»، ولم يصل عليه، فقيل لابن فروخ:

«الجنازة! »، فقال مثل ذلك، وقام ولم يصل [عليه]، وقيل للبهلول:

«الجنازة! »، فقال مثل ذلك فأخبر بلفظ كل واحد [من كان معه] من أصحابه، فكان [ذلك] مما عرف لابن فروخ، وبرئ مما كان يقال فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015