رياض النفوس (صفحة 203)

ظالمهم، والأخذ من شريفهم بالحق لخاملهم. وقد رجاك أمير المؤمنين لذلك لفقهك وعدلك وخيرك وحسبك وعلمك وتجربتك. فعليك باتقاء الله عزّ وجلّ وحده لا شريك له، وإيثار الحق على ما سواه. وليكن جميع الناس: قويّهم وضعيفهم، في الحق، عندك سواء».

فأقام قاضيا إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وفيها زال ملك بني أمية، فعزل عن القضاء إذ كان من قبل مروان. وولي بعده أبو كريب، وكان فاضلا ورعا. قتلته الصفرية سنة أربعين ومائة، حين تغلبوا على القيروان وملكوها. فلما رأى ذلك علماء إفريقية بعثوا إلى المشرق [جماعة من شيوخهم] إلى أبي جعفر المنصور، وكان رئيسهم ابن أنعم، مستغيثين به، فوجه معهم محمد بن الأشعث بجيش كبير، وأمره إذا وصل وملكها وأخرج البربر منها، أن يولي عبد الرحمن بن أنعم قضاء إفريقية.

وفي هذه السفرة سمع سفيان الثوري من ابن أنعم وكبار أصحاب أبي حنيفة وابن أبي زائدة. وأجمع أهل القيروان على ولايته، لما علموا من دينه وفضله وزهده. فسار فيهم بسيرة أهل العدل، وأقام فيهم الكتاب والسنة. ولم يزل على ذلك حتى جرى له مع يزيد بن حاتم ما جرى، فترك القضاء ورحل عنه إلى تونس. ولم يزل معظما في صدور الناس رفيع القدر عندهم حتى توفي، رضي الله تعالى عنه.

وسبب موته، فيما ذكر أبو العرب، أنه أكل حيتانا درنية وشرب لبنا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015