رياض النفوس (صفحة 1038)

وقتها. فقال له: ما هي؟ فقال له: - أصلحك الله تعالى -: أنا أحفظ القرآن وحبّب إليّ قراءته في اللّيل في الصلاة. فقال له الشيخ أبو بكر: نعم ما تعمل، والقرآن هاد إلى كلّ خير، والقرآن في الصلاة من أفضل أعمال البرّ. فقال له سالم:

غير إني - أصلحك الله تعالى - إذا افتتحت القرآن فقلت: {الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}: قال الشيخ أبو الحسن: ثم غلب على سالم البكاء والشهيق، فكلما ابتدأ صورة المسألة غلبه البكاء حتى ظن الشيخ أبو بكر أنه إنما يسأل عن وسوسة الشيطان وعن حديث نفسه، فقال له: كلما وسوس إليك الشيطان ولم تعتقده فإن الله تعالى لا يؤاخذك به؛ [هذا] وسالم في بكائه، حتى قال الشيخ: يا هذا، إن الخلوة لا تدوم لك، فاذكر ما تحدّث به نفسك. فقال له: إذا افتتحت القراءة غلبتني العبرة وخنقني البكاء، فأحاول أن أتمادى في القرآن فلا أقدر، وخفت أن يكون هذا عقوبة، فأعرض عنه الشيخ أبو بكر، وأقبل ينوح ويبكي، حتى إذا ذهب ذلك عنه وسكن: ردّ وجهه إلى سالم فقال له: يا بني، دم على ما أنت عليه، فقد أنعم الله عليك، وأعطيت الخشية من الله تعالى، فاحمد الله - عزّ وجلّ - على ما أعطاك، واشكره على ما [أولاك و] أنعم (به) عليك، الذي يطلبه الناس فبعد حين يصبح لهم، وجدته أنت في أول أمرك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015