رياض النفوس (صفحة 1021)

قال أبو الربيع سليمان بن محمد: لما قدمنا من الحج سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وصلنا إلى مصر فمضينا إلى الجبل المعروف بالمقطم /، إلى المسجد الذي فيه، ليلة الجمعة، وكان معنا أبو بكر بن سعدون الجزيري، والحسن بن أبي سراح، والرجل الصالح أبو عبد الله، من قصر زياد، وحملنا معنا طعاما، فأصبنا أبا عبد الله الرجل الصالح يقرأ حديثا للنبي صلّى الله عليه وسلم ورغائب فصلّينا معه العصر ثم المغرب، وكنّا صيّاما، ثم قدّمنا الطعام، فدخل علينا أسود طوال يسمى عليّا، عليه مرقعات، من سكان الجبل، فقال أبو عبد الله: هذا وليّ من أولياء الله تعالى - يعني الأسود - لي مدّة ما رأيته إلاّ في هذه الليلة، قوموا بنا إليه لنتبرك به، فقام إليه أبو بكر بن سعدون فركع وركعنا ثم رقدنا، فلما أصبح صلّينا الصبح، ثم نزلنا إلى القبور، ونحن معه، ثم وقف إلى قبر بنان، فقال: رحمك الله عزّ وجلّ يا أبا الحسن فلقد سلم لك دينك وقدمت على من يهون عليه غفران ذنبك. ثم وقف إلى قبور قوم صالحين، فقلت له: يا سيدي ادع لنا، فقال لي: أتحبّ الدراهم؟ قلت:

إي والله. قال: ليس يصلح حبّ الله وحبّ الله وحبّ الدراهم، إنما يحبّ الله وحده.

فقال ابن سعدون: لنا عيال. فقال له: العيال عيال الله عزّ وجلّ، أنت تنفق عليهم؟ ليس هذا حجّة. ثم عطف علينا فقال: لا جعل الله الدنيا أكبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015