فتَطْعَم وتَشْربَ؟ قَالَ: وَمَا طعامُكمْ وَمَا شَرابُكُمْ؟ قَالَتْ: طَعَامُنا اللَّحْمُ، وشَرابُنَا الماءُ. قَال: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعامِهمْ وشَرَابِهِمْ قَالَ: فَقَالَ أَبُو القَاسِم صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:" بركَةُ دعْوةِ إِبراهِيم صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم "قَالَ: فَإِذا جاءَ زَوْجُكِ، فاقْرئي علَيْهِ السَّلامَ وَمُريهِ يُثَبِّتْ عتَبَةَ بابهِ. فَلَمَّا جاءَ إِسْماعِيلُ، قَال: هَلْ أَتَاكُمْ منْ أَحد؟ قَالتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شيْخٌ حَسَن الهَيئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَني عنْكَ، فَأَخْبرتُهُ، فَسأَلَني كيفَ عَيْشُنَا فَأَخبَرْتُهُ أَنَّا بخَيرٍ. قَالَ: فأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، ويأْمُرُكَ أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَة بابكَ. قَالَ: ذَاكِ أَبي وأنتِ الْعَتَبةُ أَمرني أَنْ أُمْسِكَكِ. ثُمَّ لَبِثَ عنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّه، ثُمَّ جَاءَ بعْد ذلكَ وإِسْماعِيلُ يبْرِي نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحةٍ قَريباً مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رآهُ، قَامَ إِلَيْهِ، فَصنعَ كَمَا يصْنَعُ الْوَالِد بِالْولَدُ وَالوَلَدُ بالْوالدِ، قَالِ: يَا إِسْماعِيلُ إِنَّ اللَّه أَمرني بِأَمْرٍ، قَال: فَاصْنِعْ مَا أَمركَ ربُّكَ؟ قَال: وتُعِينُني، قَال: وأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّه أَمرنِي أَنْ أَبْني بيْتاً ههُنَا، وأَشَار إِلى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعةٍ عَلَى مَا حَوْلهَا فَعِنْد ذَلِكَ رَفَعَ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبيْتِ، فَجَعَلَ إِسْماعِيل يَأتِي بِالحِجارَةِ، وَإبْراهِيمُ يبْني حتَّى إِذا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذا الحجرِ فَوضَعَهُ لَهُ فقامَ عَلَيْهِ، وَهُو يبْني وإسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَة وَهُما يقُولاَنِ:"ربَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ".

وفي روايةٍ: إِنَّ إبْراهِيم خَرَج بِإِسْماعِيل وأُمِّ إسْمَاعِيل، معَهُم شَنَّةٌ فِيهَا ماءٌ فَجَعلَتْ أُم إِسْماعِيلَ تَشْربُ مِنَ الشَّنَّةِ، فَيَدِرُّ لَبنُهَا عَلَى صبِيِّهَا حَتَّى قَدِم مكَّةَ. فَوَضَعهَا تَحْتَ دَوْحةٍ، ثُمَّ رَجَع إِبْراهيمُ إِلى أَهْلِهِ، فاتَّبعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ حَتَّى لمَّا بلغُوا كَداءَ نادَتْه مِنْ ورائِه: يَا إِبْرَاهيمُ إِلى منْ تَتْرُكُنَا؟ قَالَ: إِلى اللَّهِ، قَالَتْ: رضِيتُ بِاللَّهِ. فَرَجعتْ، وَجعلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ، وَيَدرُّ لَبَنُهَا عَلى صَبِيِّهَا حَتَّى لمَّا فَنى الماءُ قَالَتْ: لَوْ ذَهبْتُ، فَنَظَرْتُ لعَلِّي أحِسُّ أَحَداً، قَالَ: فَذَهَبَتْ فصعِدت الصَّفا. فَنَظَرتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أَحداً، فَلَمْ تُحِسَّ أَحَداً، فَلَمَّا بلَغَتِ الْوادي، سعتْ، وأَتتِ المرْوةَ، وفَعلَتْ ذلكَ أَشْواطاً، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذهَبْتُ فنَظرْتُ ما فَعلَ الصَّبيُّ، فَذَهَبتْ ونَظَرَتْ، فإِذَا هُوَ عَلَى حَالهِ كأَنَّهُ يَنْشَغُ للمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نفْسُهَا. فَقَالَت: لَوْ ذَهَبْتُ، فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أَحِسُّ أَحداً، فَذَهَبَتْ فصَعِدتِ الصَّفَا، فَنَظَرتْ ونَظَرتْ، فَلَمْ تُحِسُّ أَحَداً حتَّى أَتمَّتْ سَبْعاً، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ، فَنَظَرْتُ مَا فَعل. فَإِذا هِيَ بِصوْتٍ. فَقَالَتْ: أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خيْرٌ فإِذا جِبْرِيلُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقَال بِعَقِبهِ هَكَذَا، وغمزَ بِعقِبه عَلى الأرْض، فَانْبثَقَ الماءُ فَدَهِشَتْ أُمُّ إسْماعِيلَ فَجعلَتْ تَحْفِنُ وذكَرَ الحَدِيثَ بِطُولِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015