1/1788- عَنْ أبي مُوسى الأشْعرِيِّ رضي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم رَجُلاً يُثْني عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ في المدْحَةِ، فَقَالَ: "أهْلَكْتُمْ، أوْ قَطعْتُمْ ظَهرَ الرَّجُلِ" متفقٌ عليهِ.
"وَالإطْرَاءُ": المُبالَغَةُ فِي المَدْحِ.
2/1789- وَعَنْ أبي بَكْرَة رضي اللَّه عنْهُ أنَّ رجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْراً، فَقَالَ النبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "ويْحَكَ قَطَعْت عُنُقَ صَاحِبكَ" يقُولُهُ مِرَاراً "إنْ كَانَ أحَدُكُمْ مَادِحاً لاَ مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ كَذَا وكَذَا إنْ كَانَ يَرَى أنَّهُ كَذَلِكَ، وَحَسِيبُهُ اللَّه، ولاَ يُزَكَّى علَى اللَّهِ أحَدٌ "متفق عليه.
3/1790- وَعَنْ هَمَّامِ بنِ الْحَارِثِ، عنِ المِقْدَادِ رضي اللَّه عَنْهُ أنَّ رَجُلاً جعَل يَمْدَحُ عُثْمَانَ رضي اللَّه عنه، فَعَمِدَ المِقْدادُ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَجَعَلَ يَحْثُو في وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: "إذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وَجُوهِهِمُ التُّرابَ" رَوَاهُ مسلم.
فَهَذِهِ الأحَادِيثُ في النَّهْيِ، وَجَاءَ في الإبَاحَةِ أحَادِيثُ كثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ.
قَالًَ العُلَمَاءُ: وَطريقُ الجَمْعِ بَيْنَ الأحَادِيثِ أنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ المَمْدُوحُ عِنْدَهُ كَمَالُ إيمَانٍ وَيَقِينٍ، وَريَاضَةُ نَفْسٍ، وَمَعْرِفَة تَامَّةٌ بِحَيْثُ لاَ يَفْتَتِنُ، وَلا يَغْتَرُّ بِذَلِكَ، وَلا تَلْعَبُ بِهِ نَفْسُهُ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلا مَكْرُوهٍ، وإنْ خِيفَ عَلَيْهِ شَيءٍ منْ هَذِهِ الأمُورِ كُرِهَ مَدْحُهُ في وَجْهِهِ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، وعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ تُنزَّلُ الأحاديثُ المُختَلفَة فِي ذَلِكَ. وَمِمَّا جَاءَ فِي الإبَاحَةِ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لأبي بَكْرٍ رضي اللًَّه عَنْهُ:"أرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ "أيْ: مِنَ الَّذِينَ يُدْعَوْنَ مِنْ جَمِيعِ أبْوابِ الْجَنَّةِ لِدُخُولِهَا، وَفِي الحَديثِ الآخَرِ:"لَسْتَ مِنْهُمْ" أيْ: لَسْتَ مِنَ الَّذِينَ يُسْبِلُونَ أُزُرَهُمْ خُيَلاءَ. وَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لِعُمَرَ رضي اللَّه عَنْهُ:"مَا رَآكَ الشَّيْطَانُ