وقد احتج عمرُ بنُ الخطاب -رضي اللَّه عنه- بذلك، وحجةُ الآخر (?) عليهم: أن الآيةَ نزلتْ في الكفار؛ بدليل أولِ الآية وآخرها، والنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أخذ بالأمرين، وشارك في الوجهين، فلبس مرةً الصوفَ، والشملةَ الخشنةَ، ومرةً البردةَ والرداءَ الحضرميَّ، وتارةً أكل القثاء بالرُّطَب، وطيبَ الطعام إذا وجدَه، ومرة لزمَ أكلَ الحُوَّارَى، ومختلِفَ الطعام، كل ذلك ليدلَّ على الرخصة بالجواز مرةً، والفضل والزهد في الدنيا وملاذها أخرى، وكان يحبُّ الحلوى والعسلَ، ويقول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دنْيَاكُمْ ثَلَاثٌ: النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلَاةِ" (?).
قلت: فلا عتبَ إذًا على من احتذى أحدَ الطريقين (?)؛ إذ كلاهما سنّة، والمعتبر في ذلك: القصدُ الصحيح، أعاننا اللَّه عليه بمنِّه وكرمه، آمين.
* * *