وخالف الشافعيُّ و (?) أصحابه في اشتراط الصيام فيه، واحتج بوجهين: أحدهما: إيقاعه في رمضان؛ والثاني: بقول عمر: يا رسول اللَّه! إني نذرتُ اعتكافَ ليلةٍ في الجاهلية، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ" (?).
والجواب عن الأول: أنَّا لم نشترط أن يكون الصومُ للاعتكاف، ولكن (?) نقول: من شرطِ الاعتكاف ألا يصحَّ إلا مع وجود الصوم، كان رمضان، أو غيره من الصيام.
وعن الثاني: أنه قد جاء في الرواية الأخرى: "إني نذرتُ يومًا وليلةً".
وجوابٌ آخَرُ وهو أن العرب تُعبر بالليلة عن اليوم والليلة، ولذلك قالوا: صُمنا معَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تسعًا وعشرين أكثرَ مما صُمْنا معه ثلاثين، فعبروا بالليالي عن الأيام، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ" (?)، وهو كثير، بل باب التاريخ كله كذلك -أعني: الاستغناء بالليالي عن الأيام-، وقال تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، قال مالك: فخاطب به الصائمين.