قيل: والحكمة في ذلك: أن الزكاة وجبت مواساةً للفقراء من مال الأغنياء، فلا يناسب ذلك الإجحاف بأرباب الأموال، فسامح الشرعُ أربابَ الأموال بما يَضِنُّون به، ونهى المصدِّقين عن أخذه (?).
التاسع: لم يَذْكر في الحديث -على هذه الرواية- الركنين الباقيين من أركان الإسلام الخمسة؛ وهما: الصومُ، والحجُّ، وكأن الراويَ عن معاذ تركَهما، فروى بعضَ الحديث، وترك بعضَه، وعليه يدل كلامُ الشيخ تقيِّ الدين بن الصلاح رحمه اللَّه تعالى، قال: هذا الذي وقع في حديث معاذ من تقصير الراوي.
قال بعض شيوخنا: وهو الأظهر؛ لأن بَعْثَه -عليه الصلاة والسلام- معاذًا كان قبل وفاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقليل، ويبعُدُ حينئذ القول بأن ذلك كان قبل فرض الصوم والحج؛ لأن الصوم فُرض في السنة الثانية من الهجرة، وفرض الحج في السنة السادسة، وهو المشهور، وقيل: في التاسعة، وهو ضعيف (?).
(?) قوله -عليه الصلاة والسلام-: "واتَّقِ دعوةَ المظلوم"، إلى آخره، الحجاب يقتضي: الاستقرار في المكان، والباري -تعالى-