والثاني: أن الأصل الإقامة، وإنما الأسفارُ طارئة على الأصل، فيصحُّ أن يرجع إلى الأصل بالنية، ولا يلزم عليه أن يخرج عن الأصل بالنية، وهذا شبيهٌ بعرض التجارة، يرجع (?) بالنية (?) إلى القُنية؛ لأنها الأصل، ولا يرجع عرضُ القُنية بالنية للتجارة (?).
والصواب: أنه لا قصرَ إلا في سفر، ولا سفرَ إلا بعد الخروج من القرية، وأن مجرد النية من غير أن يقترن بها أمر زائد لا اعتبار به في الأحكام المتعلقة بالجوارح؛ كالطلاق، والعتق، والنكاح، والبيع، فلا يكون الإنسان مطلِّقًا بنيته على القول المعروف من مذهبنا، ولا بائعًا، ولا ناكحًا، بخلاف الأحكام المترتبة على أعمال القلوب؛ كالإيمان، والكفر، والحسد، والعُجْب، والرياء، وغيره.
والقصر، والإتمامُ من أفعال الجوارح، ويدلُّ عليه من السنة: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلَّى الظهرَ بالمدينة أربعًا، والعصرَ بذي الحُلَيْفَة ركعتين (?)، فلم يقصر بمجرد النية، حتى برزَ (?)، وكذلك