الثالث: قوله: (رأيت سكوتك»: روايتنا في بضم (?) التاء من رأيت، وهي من رؤية القلب لا العين.
فيه: الحصر على تتبع أقوال الإمام وأفعاله من حركة وسكون، وهذا كان دأب الصحابة - رضي الله عنهم - معه -عليه الصلاة والسلام-؛ محافظة على الاقتداء به، وذلك من نعم الله - عز وجل - على هذه الأمة؛ إذ هم الذين نقلوا الشريعة إلينا، ولو تساهلوا في ذلك لاختل النظام.
وتسمية ذلك سكوتا: مجاز (?)؛ إذ لم يسكت -عليه الصلاة والسلام-، وإنما المراد هنا: السكت على الجهر، وهو في الحقيقة لا يسمى سكوتا؛ إنما الساكت من ترك الكلام مطلقا، ألا ترى أنه يقال: قرأ سرا، وتكلم سرا.
ويوضح ذلك قوله: ما تقول؟ ولم يقل: هل تقول؟ والسؤال بهل قبل السؤال بما؛ كما كان السؤال بأو قبل السؤال بأم في نحو قولك: أزيد في الدار، أو عمرو؟ على ما هو مقرر في كتب العربية، ولعله استدل على أصل القول بحركة الفم؛ كما ورد في استدلالهم على إسرار (?) القراءة باضطراب لحيته -عليه الصلاة والسلام-.