الثالث: أن الشارع لو نص على جمع القاتلين ظلمًا بوجوب القصاص: لا يمنعنا أن نظن أن الباعث حكمة الردع والزجر، وإن لم يتعد إلى غير قاتل: فإن الحكمة لا تختلف باستيعاب النص لجميع الحوادث أو اقتصاره على البعض1.
وقولهم: "لا فائدة في التعيل بالعلة القاصرة" عنه جوابان:
أحدهما: المنع، فإن فيها فائدتين ذكرناهما.
إحداهما: قصر الحكم على محلها.
وقولهم: "إن قصر الحكم مستفاد من عدم التعليل".
قلنا: بل يحصل هذا بالعلة القاصرة، فإن كل علة غير المؤثرة، إنما تثبت بشهادة الأصل، وتتم بالسبر، وشرطه الاتحاد.
فإن ظهرت علة أخرى: انقطع الحكم.
فإن أمكن التعليل بعلة متعدية: تعدى الحكم.
فإذا ظهرت علة قاصرة: عارضت المتعدية ودفعتها، وبقي الحكم مقصورًا على محلها، ولولاها لتعدى الحكم.
والثانية2: معرفة باعث الشرع وحكمته، ليكون أسرع في التصديق.