لا فرق -عندنا- بينهما، بل هما من الألفاظ المترادفة، كالحتم واللازم وأصحاب أبي حنيفة -رحمه الله- اصطلحوا على تخصيص اسم "الفرض" بما يقطع بوجوبه، وتخصيص اسم "الواجب" بما لا يدرك إلا ظنًا"1.
أما ابن قدامة فيقول: "والفرض هو الواجب -على إحدى الروايتين- لاستواء حدهما، وهو قول الشافعي.
والثانية: الفرض آكد...."2.
فابن قدامة أظهر أن في مذهب الحنابلة روايتين، وقوى الرواية التي توافق مذهب الحنفية من كون الفرض آكد من الواجب، ودلل على ذلك من نصوص علماء اللغة، ثم توصل في النهاية إلى أن الخلاف مبني على الاصطلاح، وهو أمر لا مشاحة فيه.
ولذلك قال في نهاية المسألة: "ولا خلاف في انقسام الواجب إلى مقطوع ومظنون، ولا حجر في الاصطلاحات بعد فهم المعنى".
5- كذلك من منهجه: أنه -غالبًا- ما يبدأ المسألة بذكر المذهب الذي يراه راجحًا، ثم يتبعه برأي المخالفين وأدلتهم، ثم يناقشها، ثم يختم ببيان الأدلة التي تؤيد ما يرجحه، وغالبًا ما ينوع الأدلة التي يوردها مستندًا إلى كلام أهل اللغة، ثم إلى القرآن والسنّة والإجماع والقياس، إن وجد ذلك، وهو في ذلك كله لا يستهين بالرأي المخالف، حتى ولو كان ضعيفًا أو ظاهر البطلان، ولذلك ينقل عن المعتزلة، وأهل الظاهرة، والشيعة، حتى اليهود عنهم، كما جاء في باب النسخ.
وهذا -في الواقع- منهج علمي سليم، يقوم على الحجة والبرهان،