كسائر الحقوق ورأى أبو حنيفة أن الورثة إنما تتعلق بالأموال دونا لحقوق والأحكام، وقاس خيار البيع، وخيار الشفعة على خيار الاعتصار وغيره مما سلمه الخصم، وقاس المالكية والشافعية خيار البيع وخيار الشفعة على خيار الرد بالعيب. وإذا فرعنا على أنه موروث فاختلف الورثة فأراد بعضهم الإمضاء، وبعضهم الفسخ لم يكن لهم التبعيض كما لم يكن لوليهم، فإما رضوا (بالإمضاء، أو بالفسخ أجمع).
قوله: «ويحكم بالإمضاء في كل تصرف يفعله المالك في ملكه لا يحتاج في اختبار المبيع عليه»: قلت: الأفعال الواقعة (على) أعيان الممتلكات منها ما يشترط المالك في صحة وقوعها شرعية، وذلك أنواع: منها العقود الواقعة فيها بعوض كالبيع، والإجارة، والكتاب، أو بغير عوض كالهبة والصدقة والتدبير والإعتاق المعجل، ومنها الاستمتاع والتلذذ وغير ذلك من أنواع المباشرة، ومنها ما لا يقع شرعًا بحال، سواء وقعت في مملوك للفاعل، أو في غير مملوك كالجنايات ونحوها، ولما كان الرضى معنى (قلبيًا استدللنا) عليه بالآثار الظاهرة، وحكم هذه الأفعال التي ذكرنا مختل، والضابط الكلي فيما (يقطع) به الخيار (أن يقال): إنه ينقطع بأحد ثلاثة أشياء قول، أو فعل، أو ترك أما القول فظاهر وهو النص على إسقاطه، وأما الترك فإمساكه عن القول، أو الفعل (الدالين) على تعيين أحد الوجهين إلى أن تنقضي مدة (أيام) الخيار، فإذا انقضت ولم يظهر (منه) قول، أو فعل كان ذلك دليلاً على تعيين أحد الوجهين، فإن كان الخيار للبائع والسلعة في يده فذلك دليل على اختياره الفسخ، وإن كانت في يد المشتري كان تركه للرد