والثاني: أنها لا تلفق مطلقًا.
والثالث: أنها تلفق على الأقوال دون الأفعال. فإن فصلت قلت إن كانت الشهادة على قول فقولان: المشهور التلفيق لاتفاق (مضمونها) والشاذ نفي التلفيق لاختلاف الأسباب والمواطن. وإن كانت على (فعلين) فقولان: المشهور نفي التلفيق، لأن الأفعال متباينة، والشاذ التلفيق نظرًا إلى اتفاق مقتضى الشهادات، وإن كانت على قول وفعل فقولان أيضًا مبنيان على ما تقدم.
قوله: ((ولا يجب كمال المهر بالخلوة دون المسيس)): والقول قولها عند التداعي (على) ظاهر المذهب. يتعلق بهذا الفصل إرخاء الستور، وأصل مذهب مالك أنه لا يكمل الصداق بنفس إرخاء الستور إلا على صفة دون صفة.
وتحصيل القول في ذلك أنه لا يخلو أن تتحقق الإصابة، أو يتحقق عدمها، أو يختلف الزوجان في ذلك، فإن تحققت الإصابة فإما أن يكون في المحل المعتاد بالآلة المعتادة أم لا، فإن تحققت في المحل المعتاد بالآلة المعتادة، وجب تكميل الصداق بلا خلاف، فإن أصابها بإصبع أو غيره فلا يخلو أن تكون بكرًا أو ثيبًا؟، فإن كانت ثيبًا لم يكمل الصداق بلا خلاف، وإن كانت بكرًا فهل يكمل لها الصداق أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: التكميل لإتلاف البكارة، لأنها قد شانها.
والثاني: نفي التكميل، لأنه عيب (لا) يتحصل به مقصود الواطئ، وإن أصاب بالآلة المعتادة في غير المحل المعتاد كمن يهينها في الدبر، فهل يكمل الصداق أم لا؟ فيه قولان: التكميل ونفيه، بناء على أن المقصود من الواطئ هل هو حاصل أم لا؟ وبنى الشيخ أبو الطاهر على جواز الوطء في الدبر. وهذا بناء مذموم.